منذ أن بدأت المرأة تنال حقها في التصويت والترشح، وصناديق الاقتراع أصبحت مساحة نضال وميدان حضور سياسي حقيقي للنساء، لم تعد المشاركة النسائية مجرد مشهد رمزي، بل تحوّلت إلى أداة تأثير ووسيلة لتغيير موازين القوى داخل المجتمعات. ومع كل استحقاق انتخابي جديد، يُطرح سؤال جوهري: ما موقع المرأة من صناديق الاقتراع؟ وكيف يمكن تحويل صوتها إلى قوة فاعلة في رسم السياسات واتخاذ القرار؟
أولاً: المرأة ناخبة
في كثير من المحافظات تفوق نسبة النساء في الكتلة التصويتية عدد الرجال. ومع ذلك، لا تُترجم هذه القوة العددية دوماً إلى قوة سياسية، بسبب عوامل اجتماعية وثقافية تعيق التعبير الحر أو تؤثر على اختيارات النساء في الانتخابات.
لكن حين تُدرك المرأة أن صوتها ليس فقط حقاً بل مسؤولية، تصبح جزءاً من حركة تغيير حقيقية. المشاركة الواعية للمرأة في التصويت تعني أنها تختار من يمثل قضاياها، من يدافع عن حقوقها، ومن يفتح لها أبواب التمكين.
ثانياً: المرأة مرشحة
ترشيح المرأة لنفسها للانتخابات هو تعبير عن كسر الحواجز الاجتماعية ورفض الإقصاء من دوائر القرار. ومع ذلك، لا تزال تواجه تحديات، منها:
نقص التمويل والدعم السياسي.
التحيز الإعلامي أو التهميش.
العنف السياسي واللفظي الذي يستهدف النساء دون غيرهن.
إن خوض المرأة للانتخابات لا يجب أن يكون فعلاً فردياً، بل يجب أن يُصاحَب بدعم من مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، من خلال تدريب المرشحات، وتوفير بيئة آمنة، ومناخ تنافسي عادل.
ثالثاً: ما بين الصوت والتأثير
صوت المرأة لا يجب أن يقف عند حدود الاقتراع، بل يجب أن يمتد إلى قاعات البرلمان والمجالس المحلية، وإلى مواقع صنع القرار في كل مؤسسة. وجود النساء في مواقع السلطة يغيّر مضمون السياسات، ويُدخل قضايا مثل رعاية الأطفال، العدالة الاجتماعية، الحماية من العنف، والمساواة الاقتصادية، إلى أجندة النقاش العام.
ختاما
صناديق الاقتراع ليست نهاية الطريق، بل بدايته. فهي لحظة إعلان للثقة، وفرصة لتصحيح المسارات، وصوت المرأة فيها هو صوت العدالة والكرامة والتقدم. ولكي تكون الديمقراطية حقيقية، لا بد أن تكون النساء فيها شريكات، لا متفرجات. فالمرأة التي تقف اليوم أمام صندوق الاقتراع، يمكن أن تقف غدًا على منصة القرار.