رغم كل الجهود المُعلنة من الدولة والمجتمع المدني لتمكين المرأة في مختلف المجالات، فإن الأرقام الصادرة عن انتخابات مجلس الشيوخ 2025 تضع علامات استفهام كبيرة على مدى فاعلية هذا التمكين، خصوصًا في المجال السياسي.
فبمقارنة بسيطة بين انتخابات 2020 و2025، نجد تراجعًا ملحوظًا في عدد المرشحات من النساء، حيث انخفض العدد من 111 مرشحة إلى 50 فقط. وإذا نظرنا إلى النسبة بين عدد المرشحات إلى المرشحين من الذكور، سنجد أنها انخفضت أيضًا من 14.1% إلى 10.6%.
هذا الانخفاض لا يمكن تجاهله أو اعتباره عابرًا. هو مؤشر يستحق الوقوف أمامه بجدية. فهو لا يعكس فقط تراجع أعداد النساء الراغبات في الترشح، بل قد يعكس أيضًا استمرار التحديات المجتمعية، والعقبات الحزبية، والثقافية، والاقتصادية التي ما زالت تقف عائقًا أمام طموح النساء في ممارسة حقهن السياسي الكامل.
وهنا يبرز السؤال الصادم:
أين ذهبت كل تلك الجهود والمبادرات والمؤتمرات التي تتغنى بتمكين المرأة؟
أين أثر برامج التدريب السياسي؟
وأين دعم الأحزاب؟
وأين تحفيز الإعلام؟
بل أين تكافؤ الفرص الذي نسمع عنه كثيرًا ولا نلمسه إلا قليلاً؟
التمكين الحقيقي لا يُقاس بعدد الورش ولا بكمية التصريحات، بل يُقاس بمؤشرات واضحة، وأهمها: الحضور السياسي العادل للمرأة، كمرشحة، وقيادية، وصاحبة قرار.
الوقت الآن ليس للمجاملات، بل للمحاسبة.
وعلينا جميعًا – كدولة، ومجتمع مدني، ومواطنين – أن نعيد النظر في استراتيجيات التمكين، ونتأكد:
هل نحن نُمكّن المرأة حقًا؟
أم نُجمّل الصورة فقط؟
ندعو إلى إطلاق “مرصد تمثيل المرأة في الحياة السياسية”، وعقد طاولة حوار تضم المرشحات والأحزاب والمجتمع المدني، لصياغة خارطة طريق واضحة نحو تمكين فعلي.
التمكين مش شعار… التمكين مشاركة وتمثيل وتأثير.