📅 ... 🕒 ...

بين تراجع الزواج وارتفاع الطلاق.. أرقام 2024 ترصد تحولات الأسرة المصرية

كتبت _ إيمان الجندي

كشفت أحدث البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن تغيرات واضحة في مؤشرات الزواج والطلاق داخل المجتمع المصري خلال عام 2024 حيث سجل عدد عقود الزواج تراجعاً مقابل ارتفاع محدود في حالات الطلاق وهي مؤشرات تعكس ضغوطاً اجتماعية واقتصادية متزايدة تؤثر على شكل الأسرة المصرية وعلى اختيارات النساء والرجال في السنوات الأخيرة.

ارتفاع الطلاق

وبحسب النشرة السنوية لإحصاءات الزواج والطلاق بلغ عدد عقود الزواج المسجلة خلال عام 2024 نحو 936 ألفاً و739 عقداً مقارنة بـ961 ألفاً و220 عقداً في عام 2023 بنسبة انخفاض بلغت 2.5% في المقابل ارتفع عدد حالات الطلاق إلى 273 ألفاً و892 حالة مقابل 265 ألفاً و606 حالات في العام السابق بنسبة زيادة قدرها 3.1% وهو ما يشير إلى تراجع الإقبال على الزواج الرسمي مقابل تصاعد حالات الانفصال.

وتوضح البيانات وجود تباين واضح بين المحافظات المصرية في معدلات الزواج والطلاق حيث تستحوذ المحافظات الكبرى على النصيب الأكبر من الأرقام المطلقة نتيجة الكثافة السكانية المرتفعة بينما تظهر بعض المحافظات نسب طلاق أعلى مقارنة بعدد عقود الزواج وهو ما يبرزه الرسم البياني المرفق الذي يقارن بين الزواج والطلاق في عدد من المحافظات الأكثر تسجيلاً خلال عام 2024.

ويُظهر الرسم أن القاهرة سجلت نحو 82 ألف عقد زواج مقابل قرابة 34 ألف حالة طلاق تليها الجيزة ثم الإسكندرية في حين لفتت محافظة بورسعيد الانتباه بارتفاع نسبة الطلاق مقارنة بعدد الزيجات المسجلة وهو ما يعكس ضغوطاً اجتماعية واقتصادية خاصة بالمجتمعات الحضرية الصغيرة وعلى الجانب الآخر أظهرت محافظات الصعيد مثل أسوان مستويات أعلى من الاستقرار الأسري حيث جاءت معدلات الزواج أعلى بكثير من حالات الطلاق.

ويرى مختصون في الشأن الاجتماعي أن هذه المؤشرات ترتبط بعدة عوامل من بينها ارتفاع تكاليف المعيشة ومتطلبات الزواج وضغوط العمل والسكن إضافة إلى تغير أولويات الشباب وارتفاع وعي النساء بحقوقهن ورغبتهن في حياة زوجية أكثر استقراراً وتوازناً وهو ما يدفع بعض الأسر إلى إعادة النظر في قرار الاستمرار داخل علاقات تعاني من غياب التفاهم أو الأمان النفسي.

ولا يمكن قراءة هذه الأرقام بمعزل عن بعدها الإنساني خاصة فيما يتعلق بالأطفال حيث تشير دراسات اجتماعية إلى أن الطلاق في حد ذاته ليس العامل الأكثر تأثيراً على الأطفال بقدر ما تكون طريقة إدارة الانفصال هي العنصر الحاسم فالأطفال الذين يعيشون في بيئة يسودها صراع دائم قد يتأثرون نفسياً أكثر من أولئك الذين يعيشون بعد الطلاق في أجواء مستقرة وداعمة وهو ما يسلط الضوء على أهمية توفير الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال بعد الانفصال وضمان استمرار دور الأبوين في حياتهم.

ومن زاوية نسوية تحليلية تشير مقاربات اجتماعية وتقارير صادرة عن منظمات دولية معنية بشؤون المرأة والأسرة إلى أن ارتفاع معدلات الطلاق يتزامن مع تغير موقع المرأة داخل الأسرة والمجتمع حيث أصبح الوعي بالحقوق القانونية والاقتصادية عاملاً مؤثراً في قرارات النساء المتعلقة بالزواج والاستمرار فيه ولم يعد الاستقرار يعني البقاء داخل علاقة غير متوازنة أو مرهقة نفسياً كما كان سائداً في فترات سابقة.

وتؤكد هذه التحليلات أن بعض حالات الطلاق تمثل شكلاً من أشكال إعادة التوازن داخل حياة المرأة خاصة عندما تكون العلاقة الزوجية قائمة على اختلال في الأدوار أو غياب الشراكة الحقيقية إلا أن هذه الرؤية لا تنفي في الوقت ذاته وجود ضغوط واقعية تجعل قرار الانفصال معقداً ومشحوناً بالتبعات الاجتماعية والمادية خاصة في المجتمعات المحافظة.

*المرأة شريك في قرار الاستمرار أو الانفصال*

ورغم الحديث المتزايد عن تمكين المرأة وارتفاع وعيها فإن الواقع الاجتماعي في كثير من الحالات لا يزال يشير إلى أن قرار الطلاق في المجتمع الشرقي غالباً ما يكون بيد الرجل سواء من الناحية القانونية أو الاجتماعية وهو ما يجعل مشاركة المرأة في هذا القرار متفاوتة من حالة إلى أخرى فبينما تتمكن بعض النساء من اتخاذ قرار الانفصال حفاظاً على كرامتهن النفسية أو مصلحة أطفالهن تظل أخريات مقيدات بضغوط اجتماعية أو اقتصادية تحد من قدرتهن على الاختيار.

وتشير هذه المعادلة المعقدة إلى أن المرأة في السياق المصري ليست دائماً صاحبة القرار الكامل لكنها شريك أساسي في تبعاته ونتائجه وهو ما يستدعي إعادة النظر في مفهوم الشراكة الزوجية بما يضمن للمرأة مساحة حقيقية للتعبير والاختيار دون إغفال خصوصية الثقافة المجتمعية ودور الرجل داخلها.

وتؤكد هذه المؤشرات في مجملها أن أرقام الزواج والطلاق تعكس تحولات أعمق في وعي المجتمع وفي شكل العلاقات الأسرية وهو ما يفرض الحاجة إلى سياسات اجتماعية أكثر شمولاً تركز على التيسير الاقتصادي وبرامج الإرشاد الأسري ودعم النساء والأطفال بما يعزز استقرار الأسرة ويحفظ كرامة جميع اطرافها

Facebook
X
WhatsApp
Telegram

كلمات مفتاحية

اخترنا لك