📅 ... 🕒 ...

رباب العشري تكتب:” كبْت المشاعر… العنف الذي يتقن الاختباء”

هناك أنواع من العنف نراها ونسمّيها ونرفضها، وأنواع أخرى تمرّ أمام أعيننا كل يوم ولا نعطيها اسمها الحقيقي.
أخطرها: العنف الذي يُمارَس بصمت… حين تُجبَر المرأة على ابتلاع مشاعرها.

في مجتمع ما زال يحمّل المرأة أدوارًا فوق طاقتها، تصبح الصراحة “قلة أدب”، والتعبير عن الغضب “تمرد”، والاعتراض “قوة زائدة”.
فتجد كثير من النساء أنفسهن مضطرات لدفن مشاعرهن في الداخل، ليس لأنهن لا يشعرن، بل لأن المجتمع لا يحتمل مشاعر المرأة كما يحتمل أدوارها.

وهنا يبدأ العنف الخفي.

العنف الذي لا يترك أثرًا على الجسد، لكنه يترك ندوبًا على الروح.
العنف الذي لا يُمارسه شخص واحد فقط، بل يمارسه محیط كامل:
عائلة تطلب منها الصمت، مجتمع يطلب منها التحمل، ونظرة عامة تعلّمها أن مشاعرها عبء يجب التخلص منه.

تُربّى المرأة على مقولة: “استحملي”.
وكأن التحمل بطولة، وكأن السكوت نضج، وكأن التعبير عن الوجع ضعف.
فتصبح المرأة سجينة صورة مثالية لا تشبه حقيقتها، صورة تُجبرها على أن تكون قوية طول الوقت، هادئة طول الوقت، متماسكة طول الوقت… حتى عندما تنكسر.

لكن الحقيقة أن القوة ليست في الكبت، بل في الإعلان.
في أن تمتلك المرأة شجاعة قول: “أنا متضايقة”، “أنا تعبت”، “أنا ليا حق أعيش بسلام”.
القوة في إنها تقرر تمارس إنسانيتها كاملة، بدون خوف من تصنيف أو حكم.

كبت المشاعر لا يجعل المرأة أكثر اتزانًا… بل يجعلها أقل حضورًا.
يطفئ جزءًا من روحها، ويجعلها تتكيف مع الأذى بدل أن تواجهه.
ولذلك هو عنف بكل معنى الكلمة.

ولأننا في مرحلة إعادة تشكيل الوعي المجتمعي، يجب أن نعيد تعريف القوة بطريقة عادلة:
القوة أن تكون المرأة صادقة مع نفسها، لا نسخة مصمتة تُرضي الآخرين.
القوة أن نربي البنات على أن مشاعرهن حق… وليست واجبًا عليهن إخفاؤه.

العنف الخفي يبدأ بصمت.
والتحرر يبدأ بكلمة.
تسلم إيدك
حبيبتى تسلمى

Facebook
X
WhatsApp
Telegram

كلمات مفتاحية