📅 ... 🕒 ...

أسماء حامد تكتب: من التعاطف إلى التنمر.. ” أم شيماء ” ضحية فخ التريند

منذ عرض الحلقات الأخيرة  من مسلسل ورد وشوكولاتة، بطولة محمد فراج وزينة، لم يتوقف الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والحديث عن  الشخصيات التي قدمها العمل مقارنة بالشخصيات الحقيقية، حتى تجاوزت النقاشات حدود الدراما، وفي لحظة، عادت  قضية الإعلامية شيماء جمال إلى الصدارة، لتظهر معها والدتها، الحاجة ماجدة الحشاش المعروفة بـ”أم شيماء”،  كأحد أبرز الوجوه على السوشيال ميديا، التي استحوذت على التريند لأكثر من أسبوعين، وخطفت البساط من أبطال العمل الدرامي نفسه، لتصبح أم شيماء بطلة السوشيال ميديا بلا منافس.

ومع كثرة الاهتمام، بدأت الصفحات والمواقع تتسابق على استضافتها، لتتحول في أيام قليلة إلى تريند كامل لا يعلو صوت فوق صوتها.

لكن هنا يبرز السؤال الأهم.. هل كانت أم شيماء بطلة حقيقية؟ أم مجرد منتج جديد في سوق الترندات؟ هل أصبحت ظاهرة أم جرس إنذار؟ وهل تدرك امرأة في سنها أنها تتحول إلى سلعة تستغل لجذب المشاهدات؟.

وشهدنا جميعا هذا التحول السريع.. وكيف تحولت قصتها من التعاطف إلى السخرية، حيث بدأت القصة بمنشورات تتعاطف مع أم حزينة على ابنتها، ثم انقلبت إلى موجة من التنمر والسخرية ومئات الكوميكس التي طالت شكلها وطريقة كلامها ومصطلحاتها العفوية التي خرجت من سيدة بسيطة لا تدرك أسس الظهور الإعلامي.

وبالطبع وقعت “أم شيماء” في فخ التريند، وفي فخ استغلال الألم النسائي تحديدا.

والمواقع التي استضافتها بحجة كشف الحقيقة أو الدعم الإنساني كانت تحمل هدف آخر، من أجل صناعة المشاهدات.

” أم شيماء ” سيدة كبيرة في السن، تلقائية، عفوية، لا تعرف طريقة التعامل والظهور الإعلامي، ولا حتى لديها  وعي بطبيعة هذا العالم الرقمي والسوشيال ميديا، وهذا وحده يكفي لتحويلها إلى مادة خام  جذابة ومثيرة جاهزة لتحقيق ملايين المشاهدات كما حدث بالفعل.

والمفارقة الأكثر قسوة وانتهاكا أن الصفحات نفسها التي قدمتها كضيفة وامرأة مكلومة لتنقل صوتها وأوجاعها وحكاياتها إلى الجمهور، عاد مسؤولوها إلى حساباتهم الشخصية ليسخروا منها.

ومن هنا تظهر  الحقيقة، والأهداف الخفية لتلك المواقع والصفحات، إذا كانت الاستضافة إنسانية، فلماذا يتحول الضيف إلى نكتة ساخرة بعد دقائق؟.

للأسف، لايستطيع أحد أن ينكر أن ما حدث كان استغلال عاطفي واضح، وتحولت أم شيماء من صوت امرأة مظلومة ومقهورة إلى كوميكس ساخر، ومن حالة ألم إنساني لايتحمله أحد إلى وقود للضحك دون أن تدري، وظلت تستخدم في دوامة التريند دون أي حماية أو وعي بما يحدث حولها، حتى أصبحت ضحية فخ التريند.

وفي النهاية، علينا أن ندق جرس الإنذار، بأن ظاهرة “أم شيماء” ليست  مجرد قصة فردية لآمرأة، بل صورة لاتجاه سائد لاستغلال النساء البسطاء إلى مواد خام للانتشار، لا أحد يسأل: ماذا تشعر؟ ماذا تفهم؟ ماذا يحدث لها بعد انتهاء التريند؟ السؤال الأهم الذي يطرحه الجميع، كم مشاهدة نحصل عليها؟.

وما دامت الأسئلة الأخلاقية مؤجلة… فالبطلة القادمة جاهزة، والسيناريو نفسه يتكرر، فقط في انتظار وجه جديد لصناعة تريند جديد.

وما دامت المشاهدات أهم من الإنسان.. واستغلال الألم النسائي مستمر.. فالقائمة لن تقف عند  “أم شيماء “.

 

Facebook
X
WhatsApp
Telegram

كلمات مفتاحية