هذه ليست مجرد حكاية من حكايات النساء أو قصة إنجاز مهني، بل هي رحلة امرأة استثنائية اختارت أن تصنع النور من قلب العتمة، مسيرتها مليئة بالتحولات، بدأت من شاشة التلفزيون السعودي كإعلامية متمكنة في اللغة العربية الفصحى، وبعد توقف لرعاية الأبناء، وجدت بطلة الحكاية نفسها في مواجهة عواصف حياتية شديدة، أدت إلى تحملها مسؤولية الأب والأم لثلاثة أبناء، وبدلاً من الاستسلام، قررت تحويل الألم إلى قوة، فحققت الحزام الأسود في الريل إيكيدو، كما عادت لمقاعد الدراسة لنيل الماجستير في الإعلام، قصتها الملهمة ليست فقط عن النجاح، بل عن اكتشاف الذات واليقين بأن السلام النفسي لا يُقدر بثمن، وأن أهم دروس الحياة هي التعلق المطلق بالخالق.
“وئام سامي”: إعلامية حولت الألم إلى إنجاز
وتقول وئام سامي بطلة الحكاية :”تخرجتُ من كلية الآداب، قسم الإعلام، جامعة عين شمس، عملتُ في التلفزيون السعودي، وقدّمتُ على الهواء مباشرة برنامجًا اجتماعيًا صباحيًا لمدة ساعتين، كانت تجربة التلفزيون السعودي محطة مهمة في حياتي، أثبتت لي أن الإنسان حين يجتهد ويتعلم، فإن الله يوفقه، ويوم أن يظهر للعالم، يظهر في المكان اللائق به”.
وتابعت : “كنت أتحدث باللغة العربية الفصحى، لأن القناة حكومية بطبيعة الحال”.

واستطردت :” بعد هذه المرحلة توقفتُ قليلًا لأني أنجبتُ أولادي، وكان من الضروري أن أهتم بهم في سنواتهم الأولى، لكن بعد عودتي إلى مصر، مررتُ بمشكلات كثيرة على المستويين الشخصي والاجتماعي، كانت تلك المحن صعبة وقاسية جدًا عليّ، لكنها بقدر قسوتها كانت نقطة تحول عظيمة في حياتي”.
وأضافت وئام سامي :” اكتشفت نفسي من جديد. رأيت في شخصيتي أشياء لم أكن أعرفها من قبل، مررت بظروف صعبة، وكنت وحدي، لم أجد من يطبطب على كتفي أو يمسح دموعي، ومع ذلك كان لا بد أن أقف على قدمي، لأني مسؤولة عن بيت وثلاثة أبناء، فأنا بالنسبة لهم الأب والأم معًا”.
وأكملت حديثها :” في يوم من الأيام جلست مع نفسي أتأمل ما مرّ بي، وكان شريط الذكريات يمر أمام عيني، شعرت بالخوف من أن أدخل في حالة اكتئاب، لكني بفضل الله امرأة قوية، قررت أن أهرب من هذا الإحساس السلبي، وأن أخلق حياة جديدة أرسمها بيدي”.

وتابعت :” اخترت أن أسلك طريق الرياضة والدفاع عن النفس، فالتحقت برياضة الـ ريل أيكيدو، وحصلت بفضل الله على الحزام الأسود الأول ثم الثاني،
وفي الوقت نفسه، بدأتُ طريق الدراسات العليا، فالتحقت بمرحلة الماجستير في الإعلام، وأسأل الله التوفيق في كل خطوة”، مضيفة :” تعلمت أن طعم النجاح ليس سهلاً، وطريقه صعب على جميع الأصعدة، لكن يكفيني أني أسير في طريقٍ صحيح، طريقٍ يُرضي الله سبحانه وتعالى، ويجعلني نافعة لمجتمعي”.

وأكدت وئام سامي :” كل أزمة بمر بيها من لطف ربنا عليا ورحمته عليا اني ارضى الحمد لله بتعلم منها دروس دروس كثيرة يمكن اختصر لكم بعض الدروس”.
- “الانسان لازم يعيش اللحظة بلحظه واليوم بيومه، يفكر ويخطط لبكره، بس ما ينساش لحظه الواقع اللي عايشه، لان لحظه الواقع اللي عايشه دي هو البنزين بتاع بكره لازم الانسان يسعد نفسه لازم يرتقي بحواره مع نفسه بيكون إيجابي ازاي يطبطب على نفسه، ازاي يعرف يتعامل مع نفسه ويكرم نفسه ويقدر نفسه صح”.
- “تعلمت من الدنيا إني ما اتعلقش بحد ما تعلقش غير برب العالمين …. اه احب الناس واسعى بأني اخدمهم وإني اقف جنبهم وأجبر بخاطرهم
العوض من ربنا سبحانه وتعالى وكما تدين تدان لكن التعلق الاخير والاساسي والحب الابدي هو لله عز وجل ازاي الواحد يتفنن في حبه لربنا ودي من اهم الدروس اللي تعلمتها في حياتي وكانت أصعب الدروس اللي اتعلمتها في حياتي”. - “من أجمل الدروس اللي كل يوم بيعدي بكتشف جمال هذا الدرس هو الله المدبر مهما أن الواحد فكر وتخيل سيناريوهات لكن لايوجد أعظم من تدبير ربنا ليه بالثانية واليوم واللحظه والاسبوع والحياه كلها”.
- “دائما نسمع جملة اعتزل ما يؤذيك مثلا، ولكن لا نعمل بها لكن درس مهم طبقته سلامك النفسي وراحة بالك لا يقدّران بثمن، لا تتردد في الابتعاد عن أي شيء يسلبك طمأنينتك واعتزل ما يؤذيك”.
- ” الأزمات تكشف المعادن، كنت في الماضي حساسة وأتألم حين يخذلني أحد، لكني صرت اليوم أشكر الظروف الصعبة لأنها علّمتني وعرّفتني حقيقة الناس من حولي، فتعلمت أن أكرم نفسي وأنتقي علاقاتي بعناية”.
وأختتمت وئام سامي :” مهما اتكلمت من دروس لا استطيع أفي فضل ربنا سبحانه وتعالى، وفي النهاية، أحمد الله على كل ما مرّ بي، فكل تجربة كانت درسا ورحمة، أدركت أن الإنسان حين يسير في طريق الحق، ويرضي ربه، فإن الله يرضيه، ويمنحه من القوة والنور ما يجعله نافعا لنفسه ولمجتمعه ولوطنه، بل وللبشرية كلها”.






