عندما تفتش في تاريخ السينما والموسيقى في مصر، نجد أسم بهيجة حافظ يلمع ضمن الرائدات في هذا المجال، ولكنها ليست مجرد فنانة، بل كانت حركة ثقافية نسوية سبقت عصرها بعقود، تضاف إلى مسيرة عطاء النساء في الفن، فهي أول امرأة قامت بتأليف الموسيقى التصويرية للأفلام في السينما المصرية وكانت من أوائل الرائدات في صناعة السينما وأكثرهن تثقيفًا.
من هي بهيجة حافظ؟
بهيجة خافظ هي ممثلة ومخرجة ومنتجة ومؤلفة وملحنة، وهي رائدة الموسيقى والسينما الصامتة في مصر، مواليد الإسكندرية 4 أغسطس 1908، لعائلة أرستقراطية، وكانت من أوائل النساء المصريات اللاتي تعلمن الموسيقى في أوروبا، ودرست تأليف الموسيقى في فرنسا، حيث بدأت رحلتها الموسيقية مبكرًا، وتعلمت العزف على البيانو وهي في الرابعة، وألفت أول مقطوعة موسيقية في التاسعة، واختارت لها اسم “بهيجة”، ثم ألفت مقطوعتين اَخريين واسمتهما “من وحي الشرق”و”معلهشي”، وبعد ذلك حصلت على دبلوم التأليف الموسيقي من جامعة “الكونسرفتوار” في عام 1930 في باريس، وبعد سنة واحدة سجلت 18 قطعة موسيقية كانت تذاع عبر محطات الإذاعة الفرنسية.
وبالتالي تعد بهيجة حافظ هي أول امرأة تقتحم مجال التأليف الموسيقي في مصر، حيث وثقت مجلة “المستقبل” الفنية هذه الحقيقة في عام 1930، عندما نشرت لها صورة بالبرقع والطرحة، وكُتِبَ تحتها “أول مؤلفة موسيقية في مصر”، إنها بهيجة إسماعيل محمد حافظ.
كما تعد بهيجة حافظ أول امرأة مصرية تلحن موسيقى تصويرية للأفلام في السينما المصرية، ولحّنت موسيقى أول أفلامها “زينب” عام1930، وهو فيلم صامت، وأحدثت به نقلة نوعية، كما أنها شاركت في أول أفلامها كممثلة رئيسية في فيلم “زينب” من إخراج محمد كريم، وأيضا أسست شركة إنتاج سينمائي باسمها، وأنتجت وأخرجت عدة أفلام.
وكان أبرز أفلامها، زينب 1930 بطلة الفيلم وملحنة، وأيضا ليلى بنت الصحراء 1937 وكانت ممثلة ومخرجة ومنتجة، وكان لها فيلم الضحايا 1935 كممثلة و مخرجة، وأيضا زهرة السوق كانت مخرجة ومنتجة.
وتعتبر بهيجة حافظ من أوائل النساء العربيات اللواتي اقتحمن عالم السينما من خلف الكاميرا، وكسرت حواجز العادات والتقاليد، في وقت كانت فيه السينما مقتصرة على الرجال، حيث أنها جمعت بين الفن والموسيقى والثقافة، وأسست جمعية “أصدقاء الموسيقى”، وكانت تعقد صالونات ثقافية راقية.
وبالرغم من كل ذلك، عاشت في نهاية حياتها في عزلة نسبية، بعد أن تجاهلها الوسط الفني، وتوفيت في 13 ديسمبر 1983 في هدوء، دون ضجة إعلامية، ولكن بقي أثرها خالدًا ، ولن ينساها التاريخ النسوي كواحدة من رائدات الفن المصري، كما تم تكريمها في مهرجانات سينمائية وموسيقية، وأُعيد عرض أفلامها النادرة.