قصة “هند” يمكن تكون مجرد واحدة من آلاف القصص اللي بنشوفها حوالينا، لكنها بتكشف حقيقة صادمة: الخطر مش دايمًا جاي من الشارع أو مكان العمل… الخطر ساعات بيبدأ من غياب الأمان داخل البيت نفسه.
أنا من شهور أطلقت مبادرة “بيئة عمل آمنة للمرأة”، لكن اللي شفته في قصة هند خلاني أعيد التفكير: قبل ما نطالب ببيئة عمل آمنة، لازم نسأل: هل وفرنا للبنت بيئة أسرية آمنة؟ أين بدأ الضعف؟ هند ما لقيتش الحضن اللي يحتويها، ولا الأذن اللي تسمعها، ولا الكتف اللي تتسند عليه.
كبرت وهي حاسة إنها وحيدة، ومع أول شخص ابتز عاطفتها قدر يدخل عقلها قبل قلبها، ويسيطر عليها، مش لأنها ضعيفة… لكن لأنها ما اتعلمتش يعني إيه أمان وثقة ودعم من أهلها.
الأمان الأسري مش بس أكل وشرب وسقف فوق الراس. الأمان الأسري هو: إن البنت تلاقي اللي يسمعها من غير ما يحاكمها. إنها تحس إن بيتها هو المكان اللي تلجأ له مش اللي تهرب منه، إنها تلاقي سند وتشجيع، مش خوف وتكسير. لما الأهل يكسّروا ثقة بنتهم بنفسها، أو يرفضوا يسمعوا صوتها، أو يربوا الخوف بدل الحوار… هما بيسيبوا فراغ كبير.
والفراغ ده ممكن يملأه أي شخص استغلالي، يخدعها ويستغل ضعفها.
اسمعوا بناتكم كويس، ادوهم حضن آمن قبل ما يدوروا عليه برة البيت. ثقوا فيهم، وخلوا البيت مصدر قوة مش مصدر خوف.
قصة “هند” مش استثناء… هي إنذار. إذا ما بنيناش بيوتنا على أساس الأمان والثقة، هيفضل فيه آلاف القصص اللي تنتهي بكسر قلوب وعقول بناتنا. الأمان يبدأ من البيت… ومن غيره، كل المبادرات هتكون مجرد مسكنات. قصه هند مش بس بنوعى الاهل على بناتهم لكن ولادكم كمان لان الولد الفاقد للأمان مشروع مبتز مستقبلى